ترجمة التراث الفلسفي ودوره في الفكر الكلامي скачать в хорошем качестве

ترجمة التراث الفلسفي ودوره في الفكر الكلامي

محاضرة عن بعد لطلبة الفصل الرابع، الفكر الإسلامي والفلسفة حول أصول الفكر الكلامي، محور ترجمة التراث الفلسفي ودوره في الفكر الكلامي. قد تتشابه الموضوعات والقضايا التي يبحث فيها الفلاسفة والمتكلمون، ولكن المنطلقات مختلفة والمناهج متباينة. فالمنطلق الأساس للمتكلمين هو النص الديني، بينما المنطلق في الفلسفة هو العقل المحض.  كان لترجمة الكتب الفلسفية أثر واضح في الخلاف، إذ غزا الفكر الإسلامي كثير من المنازع الفلسفية والمذاهب القديمة في الكون، والمادة، وما وراء الطبيعة المحسوسة، وظهر من علماء المسلمين من نزعوا منزع الفلاسفة الأقدمين وأخذوا بطريقتهم. وظهر في العصر العباسي أقوام شكيون ينزعون في الشك منزع السوفسطائيين الذين ظهروا في اليونان والرومان.  يذهب سامي النشار إلى أن علم المسلمين بالمنطق اليوناني كان منذ عهد بني أمية في القرن الأول الهجري حين أمر خالد بن يزيد (90ه) بعض العلماء اليونانيين الذين كانوا يقيمون بالإسكندرية بترجمة الأورجانون من اليونانية إلى العربية. والفضل للعباسيين يكمن في ازدهار الترجمة في عصرهم. وانتهى د. النشار في الفصل الثاني إلى أن المتكلمين في العصر الكلامي الأول قد رفضوا المنطق الأرسطي كمنهاج للبحث بل هاجموه، وأنهم جاءوا بمنهاج إسلامي خاص وضع أسسه علماء أصول الفقه، واستمر هذا المنهج رغم تناول المتكلمين إياه بالزيادة والتعديل – بمنأى عن المنطق الأرسططاليسي عند جميع دوائر المتكلمين، أما مزج المنطق بعلم الكلام والعلوم الإسلامية فقد بدأ في القرن الخامس على أيدي المتأخرين من المتكلمين بواسطة أبي حامد الغزالي، والذي دفع المتكلمين السابقين على عدم قبولهم لمنطق أرسطو هو أنهم لم يقبلوا ميتافيزيقا أرسطو فكان بديهيا ألا يقبلوا منها في البحث الذي استندت إليه. كان لتلك الترجمة أثر في التفكير الديني نفسه، فقد وجد مفكرون يفكرون في العقائد الإسلامية تفكيرا فلسفيا، كما عند المعتزلة الذين نهجوا مناهج الفلاسفة في إثبات العقائد الإسلامية، وأن علم الكلام على منهاج المعتزلة ومن يردّون عليهم من علماء السّنة هو مجموعة من الأقيسة المنطقية والتعديلات الفلسفية والدراسات العقلية المجردة. شيوع التفكير الفلسفي بين علماء المسلمين في إثبات العقائد جرّهم إلى دراسة مسائل ليس في استطاعة العقل البشري أن يصل إلى نتائج مقررة ثابتة فيها (مثل مسألة إثبات صفات الله تعالى ونفيها، قدرة العبد بجوار قدرة الرب....) ومن الفرق الضالة من اقتبست كثيرا من مبادئها من ديانات محرفة أو فلسفات قديمة مثل الفلسفة الهندية وغيرها؛ فرقة الكيسانية، وهم أتباع «المختار أبي عبيد الثقفي» وقد كان خارجيا، ثم صار إلى الشيعة، وسميت الكيسانية نسبة إلى كيسان، قيل إنه اسم المختار، وقيل إنه مولى لعلي بن أبي طالب أو تلميذ لابنه «محمد بن الحنفية» كما إن لهم عقائد ومبادئ منها: أن الكيسانية يعتقدون بتناسخ الأرواح، وهو خروج الروح من جسد وحلولها في جسد آخر، وهذا الرأي مأخوذ من الفلسفة الهندية، فهو الذين يقولون ذلك القول. ويقولون إن الروح تعذب بانتقالها إلى حيوان أدنى، وتثاب بانتقالها من حي إلى أعلى منه.